أرشيف الوسم: القضية الفلسطينية

القضية الفلسطينية: دعم مستمر حتى التحرير (حركة مجتمع السلم نموذجا)

سندخل ابتداء من نهار غد الحملة الانتخابية، وستكون فلسطين حاضرة في قلوبنا وأفكارنا، وستكون في كل الأحوال ضمن مخططاتنا مهما كانت مآلات الانتخابات.

 وإذ نفعل ذلك فإنما هو استمرار لخطنا الثابت تجاه القضية منذ نشأتنا كأشخاص ونشأة حركتنا. فالحركة لم تتوقف عن دعم  القضية الفلسطينية بكل الوسائل الممكنة، فهي تعتبرها القضية المركزية في الأمة، وفي هذا المقال سنتطرق إلى بعض مساهماتنا لا للمزايدة السياسية فهو أمر غير مقبول في هذه الأمر ومنقص للأجر، وإنما المقصود هو تطمين المحبين، وتشجيع غيرنا بالإنجازات العملية، بل ربما صناعة بيئة تنافسية لخدمة فلسطين، ولصناعة مراجع تاريخية مدونة للمحافظة على الذاكرة على نحو ما قمت به بتأليف كتابي” الجزائر والقضية الفلسطينية”

عدد الصفحات : 104
القياس : 14×21
تاريخ الإصدار : 1434هـ – 2013م 
النشر و التوزيع : دار الخلدونية

وكذلك  لكسر حجة المثبطين، الذين يسمع لهم بعض السذج فينا وفق قول الله تعالى: ((وفيكم سماعون لهم))،  بزعمهم أننا نكتفي بالكلام ولا نفعل شيئا عمليا لفلسطين، مع أن مناصرة فلسطين مطلوب بأضعف الإيمان ولو بالتعلق القلبي فقط والدعاء في السر والعلن،  والمناصرة بالبيان، وفي كل الأحوال مهما فعلنا لفلسطين لن نوفها حقها حتى تستقل وتطرد المحتل، ونرجو أن يسامحنا الله سبحانه لما نبينه من أعمال في هذا المقال ويكتب حديثنا ضمن قوله عز وجل: ((إن تبدو الصدقات فنعم هي)) وأن يغفر لنا تقصيرنا:

سياسة أصيلة قديمة

1 – منذ أن تأسست حركة مجتمع السلم اعتبرت القضية الفلسطينية القضية المركزية في الأمة العربية والإسلامية، وبنت موقفها على قاعدة دينية معلومة تجمع كل المسلمين، وقاعدة استراتيجية تتعلق بخطر الكيان على الأمة كلها، وأساس وطني متعلق بالتاريخ الخاص بغدر اليه#ود للجزائر والجزائريين منذ أن دخل الاحتلال الفرنسي بلادنا، وبعد إنساني لما يفعله الكيان من احتلال للأرض وجرائم في حق الإنسان الفلسطيني نشترك فيه مع الأحرار في العالم. وقد شرحت هذه الأبعاد في كثير من المقالات والمداخلات الإعلامية ودونتها في كتابي الجزائر وفلسطين.

وقد كان للشيخ محفوظ الدور الأساس لبناء الفكر وشحن الأفئدة في الحركة لصالح القضية الفلسطينية كقضية مركزية، وكان متّبعا في ذلك نهج الحركة الوطنية في الجزائر بكل أطيافها التي أسست اللجان ونظمت الدعم وأرسلت الرجال للجهاد في فلسطين رغم وجودها تحت الاحتلال، ومتأسّيا بالدعوة الإسلامية في العالم التي لا يخفى على أحد مساهمتها في جبهات القتال في فلسطين وثباتها على نصرة القضية إلى حد صارت هي العدو الأول للكيان يحاربها هو والدول الراعية له والأنظمة العربية العميلة بسبب ذلك في كل أنحاء العالم.

 لقد كان الشيخ محفوظ رحمه الله يجتهد كثيرا لعدم مصادمة الأنظمة والقوى الدولية ليوفر البيئة المناسبة لخدمة مشروعه إلا في القضية الفلسطينية فكان صارما لا يتنازل عن أي شيء بخصوصها، وأذكر ذات اليوم كنت معه في مؤتمر في أمريكا سنة 1993 فعُقد اجتماع مع أكاديميين أمريكيين حضره العديد من الشخصيات الإسلامية فلم يكن أحد أبلغ وأقوى وأوضح في الدفاع عن فلسطين كالشيخ محفوظ نحناح رحمه الله تعالى فعبر الضيوف الأمريكان في المؤتمر عن تقديرهم الكبير له، ونال إعجاب من حضر من المسلمين حتى دمعت أعين بعضهم، وبالإضافة للدعم الإعلامي والسياسي والمالي بقيت الحركة منذ التأسيس الرسمي وقبله تأخذ عن كل فرد من أفراد عائلات المناضلين مساهمة مالية رمزية لفلسطين وتنظم المهرجانات الكبرى لمناصرة القضية.

وكل ما سنقوله في الفقرات التالية هو إنجاز متراكم لهذا التوجه نسأل الله تعالى أن يكون حسنات جارية للشيخ محفوظ والشيخ بوسليماني رحمهما الله ولنا ولكل من واصل الطريق على نهج دعم القضية الفلسطينية ومن طوروا هذا السبيل النبيل المشرف بلا تردد ولا حسابات.

مسيرات تلو مسيرات

2- يقول البعض تكتفون بالتصريحات والوقفات والاجتماعات في القاعات لمناصرة فلسطين ولا تنظمون المسيرات الكبرى في الشوارع، وهذا كلام مجانب للحقيقة والصواب لأن أي وسيلة يستعملها أي إنسان مهما كانت بسيطة لمناصرة فلسطين فهي مفيدة. مفيدة للفلسطينيين معنويا حتى نشعرهم بالتعاطف الواسع معهم، ومفيدة لضرب معنويات العدو وأعوانه وحلفائه حين يعلمون بأن حجم الرفض والعداء لهم واسع.

 ثم ثانيا نحن لم نكتف بالتصريحات سواء اليوم أو من قبل. طلبنا من مناضلينا المشاركة بقوة في الحراك ورفع الأعلام الفلسطينية فيه دعما للفلسطينيين في هذه المواجهة الأخيرة في شهر ماي 2021 ولكن القمع كان شديدا وقد أدنا ذلك بوضوح .

كلمتي في الوقفة:

أما من قبل فقد نظمنا وشاركنا في عدة مسيرات من أجل فلسطين منها المسيرة التي لم تكن مرخصة للتنديد بالعدوان على غزة سنة 2014 (رابط).

بل شاركنا في مسيرة عظيمة على الحدود بين الأردن وفلسطين ضمن المسيرة العالمية نحو القدس في 30 مارس 2012 التي تم فيها منع المشاركين الاقتراب من السياج الحدودي. (رابط)

مسيرة في الجزائر العاصمة نصرة للقدس وفلسطين  للتنديد بقرار الرئيس الأمريكي الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني (08 ديسمبر 2017):

أسطول الحرية وشرف المواجهة

2- بالنسبة لمن يقول مناصرة فلسطين لا تكون إلا بالقتال المباشر معهم فتلك مزايدة لا تقوم على منطق وعقل، ومن يقول هذا هو ذاته لا يفعلها، فالشعوب المحتلة تعتمد على ذاتها لتحرير أرضها، وحينما نتحدث عن الثورة الجزائرية فالذين قاتلوا الفرنسيين هم الجزائريون ولكن لو لا دعم أشقائنا العرب والمسلمين وأحرار العالم ما كان الاستقلال يكون ربما في سبع سنوات من الجهاد.

 وقد يتمكن بعض الآحاد من غير أبناء البلد من أن يندمجوا مع المقاومين مباشرة كما وقع في الجزائر، وكما فعل بعض الجزائريين الذين التحقوا بجبهات القتال في فلسطين في مختلف المراحل منذ بدايات الاحتلال.

ولو لم تكن الحدود مغلقة لاتجه بعضنا للقتال مع الفلسطينيين كما فعل أجدادنا وأبناؤنا. ونحن نعتبر أن المشاركة في أسطول الحرية في ماي 2010 كان من هذا القبيل حيث قدت وفدا جزائريا من ثلاثين مناضلا  كان هو الأكبر بعد الأتراك، أغلبهم من حركة مجتمع السلم منهم ابني مصطفى، وقد نظم هذه الحملة اللجنة الدولية لكسر الحصار التي كنا من أعضائها الفاعلين، وكان ذلك بالتعاون مع هيئة الإغاثة الإنسانية التركية (IHH)، وبمشاركة نشطاء من مختلف أنحاء العالم ومن مختلف الملل والتوجهات، ولم تكن مساهمتنا بأنفسنا فقط بل كذلك بسفينة محملة بالمساعدات رفع عليها العلم الجزائري كانت هي الأكبر بعد سفينة مرمرة، وحين وصلت القافلة البحرية أعالي البحار تمت محاصرتنا من قبل جيش الكيان فقاومنا صعودهم السفينة بما نملك من عصي وحجارة وغير ذلك، وبعد أن سيطروا على السفينة باستعمال السلاح وإطلاق الرصاص الحي علينا فقتل تسعة أتراك وجرح العديد، منهم الأستاذ محمد ذويبي من الوفد الجزائري الذي أصيب في عينه، تم تقييد أيدينا من الخلف والتحقيق المطول معنا في مراكز الاستجواب واقتادونا بعد ذلك إلى سجونهم في داخل فلسطين ولم يطلق سراحنا إلا بضغوطات دولية كبيرة.

وقد صنعت أحداث قافلة الحرية ضجة دولية كبيرة وتحولا حاسما لصالح القضية في العالم، وتفاعل معها الجزائريون بشكل استثنائي، وأشيع خلال غيابنا بأنني استشهدت وتوجه الناس لبيت الوالدة في المسيلة وبيتي في العاصمة للتعزية طوال نهار ذلك اليوم. وعند رجوعنا حظينا باستقبال رسمي وشعبي كبيرين حيث أرسلت لنا السلطات طائرة خاصة أرجعتنا للوطن من الأردن بعد خروجنا من السجن ووجدنا أمواجا بشرية شعبية كبيرة في استقبالنا ليلا في مطار هواري بومدين.

استقبال المشاركين بعد عودتهم في المطار:

كما حاولنا كذلك تنظيم أسطول آخر من اليونان فمنعنا وذهبت إلى أثينا رفقة الشيخ أحمد الإبراهيمي للإشراف المباشر على الحملة ولكن اضطرت اليونان للتراجع تحت ضغط الكيان والدول الغربية، بل أرسل الكيان رجال استخباراته إلى الفندق الذي كان يسكنه الناشطون وتم الاعتداء على بعضهم جسديا في بعض أزقة أثينا، وحاولنا مرات أخرى شارك فيها قياديون آخرون من الحركة منهم الأستاذ النائب حمدادوش والأستاذة النائب ضوايفية ولم تكتمل الرحلات بسبب المنع.

كسر الهرولة ومناهضة التطبيع

4  – حينما ارتفعت موجة التطبيع قبل انتفاضة الأقصى في العالم العربي وتزعمها في الجزائر النظام البوتفليقي من خلال مصافحة إيهود باراك رئيس الوزراء الصهيوني ودعوة المغني الصهـيوني أنريكو ماسياس الداعم للكيان وصهر الموسيقار ريمون الذي أعدمته الثورة لتآمره مع جيش الاحتلال على قتل الشهيد خزندار رحمه الله، وزيارة الوفد الصحفي إلى فلسطين المحتلة بالتنسيق مع الكيان قمنا بتأسيس التنسيقية الوطنية لمناهضة التطبيع وكنا كعادتنا أصحاب الدور المحوري فيها ودخل فيها شخصيات كبيرة كالشيخ عبد الرحمن شيبان رحمه الله والسيد عبد العزيز  بلخادم والسيد خالد بن اسماعيل وكذلك العديد من المجاهدين خاصة الذين ساهموا في الحرب ضد الكيان سنة 67 وحروب الاستنزاف.

ومن نتائج هذه التنسيقية إسقاط زيارة المغني أنريكو ماسياس الذي هددنا برجمه بالحجارة في المطار لو حط رجليه في الجزائر، وتبخيص توجهات التطبيع التي قضت عليها انتفاضة الأقصى، وأذكر أن أحدهم وقد أصبح مسؤولا كبيرا في الدولة قال لي في ذلك الوقت إنك تضر بمستقبلك السياسي فإظهار عدائك للكيان.. وبسبب الموقف الرسمي الإيجابي من التطبيع لم تتشكل منظمات جزائرية مناهضة للتطبيع، ولم نشهد محاولات خطيرة كالتي رأيناها في بداية العهدة الأولى لبوتفليقة، غير أن الحذر بقي مستمرا وملاحقة أية حالة ضعف معزولة قائمة سواء على مستوى الرياضة أو الفن أو بعض التصرفات الرسمية المعزولة وقد أصدرنا بخصوص هذه الحالات عددا من التصريحات والبيانات.

مؤسسة القدس الدولية وفرعنا المُنجِز

5 – من أكبر الإنجازات التي قام بها رجال حركة مجتمع السلم المساهمة في تأسيس مؤسسة القدس العالمية التي تعد أكبر مؤسسة تعمل لصالح القدس وفلسطين ضمت كل أطياف العالم العربي والإسلامي من قوى شعبية ورسمية ومسلمين ومسيحيين وشيعة وسنة وإسلاميين ويساريين وليبيراليين، برئاسة فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي، وثلاثة نواب للرئيس هم: معالي الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر، وسماحة حجة الإسلام السيد علي أكبر محتشمي، ومعالي الأستاذ ميشيل إده، والدكتور محمد مسعود الشابي (أميناً للسر).  فكنا من أعضاء مجلس أمنائها منذ مؤتمرها الأول في لبنان في جانفي 2001، وأصبح فرع الجزائر أهم فرع من فروعها في العالم وقد تشرفت برئاسة الأمانة العامة للفرع وتمكنا من فتح عدة روابط جزائرية منها رابطة رجال أعمال من أجل القدس ورابطة شباب من أجل القدس ورابطة نساء من أجل القدس، ومن بين الروابط التي ثبتت وتطورت وأصبح لها فروع في العديد من الولايات رابطة شباب من أجل القدس التي تخصصت في توعية وتكوين الأطفال والشباب في المعارف الفلسطينية والمقدسية ولم يضاهيها في الإنجاز أية رابطة شبابية في الدول الأخرى، ثم أصبحت الآن مؤسسة جزائرية معتمدة قائمة بذاتها تواصل نشاطها بفاعلية كبيرة، كما استطاعت رابطة رجال أعمال من أجل القدس بقيادة الأستاذ جعفر شلي أن تنجز  مشروع الوقفية لصالح القدس ضمن المشاريع التي أطلقت في أحد مؤتمرات مؤسسة القدس ولا يزال ريع هذه الوقفية يصل بحمد الله القدس و المقدسيين بشكل دائم يساهم في تثبيتهم ودعمهم.

 وقد تمكن فرع مؤسسة القدس أن يجمع مختلف أطياف المجتمع الجزائري من إعلاميين ويساريين ومنظمات مجتمع مدني متنوعة وقوى سياسية معارضة ومن الموالاة وتوصلنا في الأخير إلى توسيع وتطوير هيكلية الفرع تحت رعاية جمعية العلماء وقيادة شخصيات كبيرة مرموقة برئاسة الشيخ عبد الرحمن شيبان رحمه الله رئيس جمعية العلماء ونيابة الأستاذ عبد الحميد مهري عضو الحكومة المؤقتة أثناء الاحتلال والأمين العام السابق لجهة التحرير، والأستاذ محمد الطاهر بوزغوب من التجمع الوطني وهو طيار سابق شارك في حرب 67 و73 ضد الكيان، وبقيت متشرفا معهم بقيادة الأمانة العامة مع الأستاذ محمد ذويبي من حركة النهضة كمدير تنفيذي وأفاضل آخرين من مختلف التيارات، وقد تمكنا بعد هذا التطوير الهيكلي وتوسيع التمثيل من استضافة المؤتمر الخامس لمؤسسة القدس برعاية رسمية رئاسية كاملة وقد كان مؤتمرا مهيبا حضرته أكثر من مائتي شخصية من مختلف أنحاء العالم ووفد كبير من القيادات الفلسطينية وأبرز وجوه المقاومة منهم الأستاذ خالد مشعل والشهيد سعيد محمد صيام رحمه الله.

قوافل الإغاثة ومدرسة تنشئة النشطاء

6 – وعلى مستوى حملات كسر الحصار وقوافل الإغاثة أشرفنا في إطار الحركة على إرسال ثلاثين قافلة دخلت غزة محملة بدعم كبير للفلسطينيين من مساهمات الجزائريين، وكانت أول قافلة كبيرة شاركنا فيها قافلة شريان الحياة 5 بتنظيم اللجنة الدولية لكسر الحصار بقيادة رمزية من السياسي البريطاني جورج غلوي ومشاركة مناضلين من مختلف أنحاء العالم وشخصيات دولية عديدة وكنت من أعضاء الهيئة القيادية للقافلة ووصل عدد المشاركين قرابة 400 مشارك كان أكثر من ربعهم جزائريون (117) وكان وفدنا يرافقه أكثر من نصف عدد المراكب المحملة بالمساعدات منها 40 سيارة إسعاف جزائرية.

 وقبل أن ندخل إلى غزة بقينا في اللاذقية بسوريا أكثر من عشرين يوما ننتظر الإذن المصري بالعبور.

مكنتنا هذه الرحلة التاريخية الكبيرة من معرفة الأوضاع في غزة والحوار مع القادة الفلسطينيين على رأسهم القائد أبو العبد هنية من الاطلاع على الواقع على الأرض وتحديد الاحتياجات بدقة.

بعدها صار عملنا لدعم أهلنا في غزة وكسر الحصار أكثر تنظيما حيث أصبحت لنا شراكة دائمة مع هيئة أميال من الابتسامات التي يقودها عصام أبو يوسف فتمكنا من خلال ذلك من إرسال أكثر من ألف جزائري إلى غزة عبر أكثر من 30 حملة وبرزت في هذه المسيرة قيادات جزائرية  فذة في النضال من أجل فلسطين على رأسهم الشيخ أحمد الإبراهيمي رفيقي في تنظيم أسطول الحرية وشريان الحياة حيث أصبح بعد ذلك هو الشخص المحوري في القوافل وحشد الدعم الجزائري بشكل منظم ومؤسسي ودائم تشارك فيه شبكة واسعة من النشطاء من كل الولايات كثير منهم ممن وضع رجله في الأرض المباركة ضمن القوافل العديدة، وقد توصل هذا الجهد  إلى إيصال دعم كبير للغزاويين، ثم تحول الدعم المباشر إلى إقامة مشاريع وقفية تم إنجازها فعليا في مختلف المجالات الإغاثية والتعليمية والصحية والسكنية والدينية والثقافية والاقتصادية التنموية. صنعت الحركة بهذا العمل المنظم الكبير ثقافة عامة ونشرت مهارات أساسية في العمل الفلسطيني فأكمل الإنجاز منظمات مجتمع مدني ساهم رجال الحركة في تأسيسها، على رأس هذه المنظمة جمعية البركة للعمل الخيري والإنساني، وقررت الحركة عندئذ التراجع عن البروز اللافت والسيطرة على المشهد الريادي في هذا الشأن الإغاثي في إطار توجهها نحو التخصص الوظيفي لتجنب الحساسيات السياسية ولتوسيع جبهة المناصرة خدمة للقضية الفلسطينية، وقد بقيت تساهم في ريادة النضال السياسي والإعلامي والدبلوماسي لصالح فلسطين.

 فنسأل أن يتقبل هذا الجهد ويجعله في ميزان الحسنات وأن ينفع إخواننا في فلسطين وأن يرفع به مقام الجزائر والجزائريين.

النضال السياسي الفلسطيني

7 – أما في المجال  السياسي والإعلامي والدبلوماسي ومناهضة التطبيع باسم الحركة فلم يفتر نشاطنا أبدا، لا نتوقف عن الوقوف العلني والصارم مع المقاومة ومناهضة الصهيونية والتوعية بالحق الفلسطيني وفضح التطبيع والمطبعين وجرائم الاحتلال عبر البيانات والندوات والتجمعات والمسيرات والمقالات والتغريدات والمنشورات والكتب والمقابلات الإعلامية، ولو أردنا عرض تقارير ما قمنا به في هذا الشأن لما كفته المجلدات الورقية والإلكترونية ويكفي أن يتجه الباحث عن مساهماتنا إلى محركات البحث الالكترونية ويكتب العبارات المفتاحية المتعلقة بما كتبناه وصرحنا به وقمنا به بشأن القضية الفلسطينية ليُعرض أمامه  كميات هائلة من التقارير والتغطيات الإعلامية.

كانت جهودنا في كثير من الأحيان باسم الحركة، ولكن كنا نحرص دائما على العمل الجماعي السياسي لتوسيع جبهة المناصرة فساهمنا في  تشكيل اللجان الشعبية لمناهضة التطبيع، ومناهضة الصه#يونية ودعم المقاومة وتعبئة الناس للقضية وإغاثة المظلومين والمشردين والمعاقين وأسر الشهداء، وكان للدبلوماسية الشعبية حضور لافت ودائم لدعم القضية من خلال برامج الزيارات التي نظمناها لقادة ح#ماس مع الجهات الرسمية الجزائرية، كاللقاءات العديدة مع رؤساء البرلمان بغرفتيه، ورؤساء الحكومات والوزراء، والكتل البرلمانية والأحزاب والمنظمات المدنية، وكذلك عبر ما نقوم به نحن بأنفسنا من دعم لفلسطين مع سفراء الدول المعتمدين في الجزائر في اللقاءات التي ننظمها معهم لهذا الغرض، خصوصا أثناء أي عدوان صهيوني، أو في زيارتهم لنا ضمن الأنشطة الدبلوماسية العادية، بالإضافة إلى لقاءاتنا الدولية خارج الجزائر في المؤتمرات التي ندعى لها من مراكز الدراسات والمنظمات الغربية الحكومية وغير الحكومية، ومن خلال أنشطتنا الريادية في المنظمات الإسلامية المناصرة لفلسطين خارج الوطن، كمنظمة ائتلاف المنظمات العاملة لفلسطين ومؤتمرات الرواد ومؤسسة القدس ومنتدى كوالالمبور  وغيرها.

وبالرغم من ارتباط أغلب أنشطتنا بالجهات الفلسطينية المقاومة على رأسها حماس بسبب القناعة المشتركة بأنه لا حل مع الاحتلال إلا المقاومة بكل أشكالها وعلى رأسها المقاومة المسلحة التي ورثناها عن الثورة التحريرية الجزائرية فإننا نحاول أن نحافظ على العلاقة الطيبة مع السلطة الفلسطينية والفصائل المنضوية في منظمة التحرير، ورغم خلافتا الشديدة مع مشاريع التسوية وعلى رأسها مشروع أوسلو واعتراضنا على التنسيق الأمني الذي نعتبره خيانة بالجملة، نحافظ على التواصل مع السفارة الفلسطينية والتعامل باحترام معها، وحينما يكون السفير الفلسطيني وموظفي السفارة الفلسطينية في الجزائر محترمين ومتفهمين ولا يحملون عداء للمقاومة تتحسن العلاقة كثيرا معهم وبعضهم أصبحوا أصدقاء لنا، وفي كل الأحوال لم نتوقف عن إبداء النصيحة للفلسطينيين في كيفيات المحافظة وتطوير أشكال المقاومة وحل مشكل الخلاف الفلسطيني وإنجاز مشروع الوحدة على قاعدة المقاومة والتحرير.

د. عبد الرزاق مقري