وجهة نظر حول رئاسة ترامب للولايات الأمريكية المتحدة.

– لا فرق بين هيلاري كلينتون ودونالد ترامب بالنسبة للعرب والمسلمين ، ولكن هناك شيء مؤكد معلوم وشيئ متوقع مجهول، الشيئ المعلوم الذي لا ريب فيه أن كلينتون تمثل صوت المؤسسة الأمريكية (أو الاستباشمنت أو الدولة العميقة في أمريكا) التي كانت دائما مع إسرائيل ضد العرب والمسلمين وهي سبب في كثير من مآسينا، وعليه لو أصبحت هيلاري رئيسة لكان وضع المسلمين على السوء الذي نحن عليه والأرجح يكون الحال أسوء، أما ترامب يتوقع أن يكون وضع العرب والمسلمين معه أسوء ولكن لا يوجد شيء يؤكد هذا ما لم يقع. ما يتلفظ به مرشح للرئاسة يمكن آن يتغير وتغيب حدته بعد أن يصبح رئيسا ولكن يصعب على سياسة المؤسسة أن تتغير.

– ترامب رئيس لم تتمناه الاستبليشمت، ولكن ستعمل على احتوائه، وأثناء ذلك سيقع التوازن بينه كشخصية متفلتة حتى على حزبه وبين المؤسسة، ستكون له بصمته الخاصة ولكن الاتجاه العام سيكون على ما تريده الدولة العميقة التي تؤثر فيها قوى كثيرة منها المؤسسات العسكرية والأمنية، ولوبيات السلاح، ولوبيات الطاقة، واللوبي الصهيوني وبعض اللوليات العرقية ومجموعات المصالح المختلفة.
– في الهامش الذي يخصه ويترك فيه بصمته فيه هو ما يتعلق بالمال، كل سياسات ترامب ستقودها رؤى قريبة المدى للتوسع الاقتصادي الأمريكي، ستهمه الفرص القريبة للربح أكثر من أي شيء آخر كما هي ذهنية رجل الأعمال مثله، لن يهتم كثيرا بالاستراتيجيات بعيدة المدى ولن يكون متحمسا على الإنفاق على مشاريع لا تكون عوائدها قريبة، وسيؤثر هذا على تحالفاته وفق تطورات الوضع الاقتصادي، وكل حليف سابق لم تصبح فيه مصلحة اقتصادية أو يمثل عبئا على أمريكا سيتخلى عنه، وباعتبار أن ترامب لا يرى وجود سبب لتحمل عبء الصعوبات الاقتصادية الأوربية أو مشاكلها الجيوستراتيجية، سيعرف الحلف الأمريكي-الأوربي تراجعا ملحوظا وسيتعامل مع الدول الأوربية دولة دولة وفق استعداد كل واحدة منها للاستسلام التام للإرادة الأمريكية أكثر مما هو حاصل الآن.
ـ ليس بالضرورة أن يكون ترامب وحده في هذه الاستراتيجيات الجديدة، فقد تكون ثمة قوى خفية داخل المؤسسات التقليدية التي تحدثنا عنها قد اختارت هذه الوجهة قبله وكانت هي ذاتها وراء صعوده لاستكمال المهمة وقيادتها ومما يدل على هذا خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي، التقارب الجديد بين أمريكا وروسيا في بعض الملفات ومنها الملف السوري، المواقف السلبية الجديدة من المملكة العربية السعودية وقانون ((جاستا)) الذي صوت عليه الكونغرس الذي يؤدي إلى تغريمها بأموال طائلة تعويضا لضحايا 11 سبتمبر… ألخ..
ـ بالنسبة للمسلمين سيكون موقف ترامب منهم بقدر قدرتهم على نفع أمريكا أو إلحاق الضرر بها، وهناك في هذا المجال وجهان: وجه سلبي ووجه إيجابي. أما الوجه السلبي فهو أن شراسته ستكون أفتك بالمسلمين من سابقيه في أخذ ما يريد منهم إذا رأى ذلك ممكنا وليس له ثمن يدفعه، والوجه الإيجابي أنه سيكون أكثر واقعية وقبولا للحوار وتبادل المنافع إذا رآى نفسه في مواجهة دول إسلامية متماسكة قابلة للتعاون بينها والحديث بصوت واحد ولها قدرة على إيلامه وتضييع فرص الربح المتوقعة في بلادهم. وسيخضع الملف الفلسطيني لنفس القاعدة: سيكون مع إسرائيل إذا كان ذلك ينفعه ماديا أكثر، وسيحاول التوازن إذا رأى بأن وقوفه مع إسرائيل يضيع له فرصا اقتصادية أوفر.
ـ والخلاصة أن ترامب خلافا لسابقيه: يمثل بالنسبة للمسلمين فرصة جديدة وتهديدا أخطر مما مضى بحسب التحولات التي تقع في العالم وبحسب التطور نحو السلب أو الإيجاب في منظومات الحكم والمجتمعات العربية الإسلامية.
http://hmsalgeria.net/ar/fKAub