هنيئا لتونس

سبق لي أن كتبت مقالا مباشرة بعد الثورة التونسية ذكرت فيه أن تونس ستكون هي ” المخبر” الذي ستُصنع فيه تجربة الديمقراطية في العالم العربي، وها هو الأمر يتأكد. نجحت العملية الانتخابية نجاحا كبيرا بنسبة حقيقية في حدود 60%. لا يهم من سينجح، النهضة أم نداء تونس. ليس لي فكر التيارات اللائكية الجزائرية التي كان أكبر هم أقلامها في الجرائد الجزائرية اليوم هو الخوف من انتصار حركة النهضة، كدليل بأن اللائكية في العالم العربي لا يمكنها أن تكون ديمقراطية، بل هي الخطر الأكبر على الديمقراطية. غير أن من الأسباب التي تجعل التجربة التونسية تنجح دون غيرها هو وجود حركة إسلامية راشدة كحركة النهضة لها القدرة على إدارة الصراع لصالح تونس ولصالح الحرية، ولكن بشكل أساسي بسبب عدم تدخل المؤسسات العسكرية والأمنية في الشأن السياسي، فالقانون الانتخابي التونسي لا يسمح لأفراد المؤسسة العسكرية والأمنية من المشاركة في العملية الانتخابية. وهذا خلافا للجزائر التي تتحكم في النتائج التدخلات المباشرة وغير المباشرة للمؤسسة العسكرية والأمنية، لدينا أرقام لا تدع مجالا للتفلسف والتبجح تدل على نتائج ساحقة لصالح جبهة التحرير في مكاتب اقتراع يقابلها في نفس الحي ونفس الشارع مكاتب اقتراع لا يصوت فيها العسكر لم تنجح فيها جبهة التحرير. فهل يوجد حزب في العالم ينافس الدولة وينافس العسكر الذين تحكمهم الأوامر الصارمة وليست القناعات، وهذا علاوة على ألاعيب الكمبيوتر في الكتل الناخبة التي لا يعرفها أحد إلى اليوم؟ هل يمكن للديمقراطية في الجزائر أن تنجح إن لم نسر على نهج تونس، دون تحقيق تمدين العمل السياسي، ودون توجيه المؤسسة العسكرية والأمنية لأدوارها ووظائفها المعروفة دوليا ودسوريا وهي المحافظة على الأمن والحدود وأن يشعر كل جزائري بأن المؤسسة العسكرية هي مؤسسته كذلك.
عبد الرزاق مقري