أبعاد محاولة الاختراق الصهيوني في ليبيا

يبين اللقاء السري بين وزيرة الخارجية الليبية مع وزير الخارجية الإسرائيلي الذي فضح أمره هذا الأخير في وسائل الإعلام عدة حقائق منها:
أولا – الطبيعة الاستعلائية المُحتقِرة للمسؤول العربي التي يعتمدها الكيان الصهيوني أثناء محاولاته اختراق العالم العربي دون أي اعتبار لمصير من ورطه هو ذاته في الخيانة.

ثانيا – طبيعة المسؤول العربي المستلب حضاريا الذي يتجرأ على الخيانة من أجل مصالح شخصية متوهمة ولو على حساب قوانين ومصالح بلده، دون أدنى مراعاة للمشاعر والإرادة الشعبية الرافضة للتطبيع مع الكيان الغاصب.
ثالثا – طبيعة الشعب الليبي الحر الذي عبر عن رفضه لهذه الخطوة الآثمة من خلال الاحتجاجات في العديد من أنحاء ليبيا وعبر مؤسساته وأحزابه ومنظماته المدنية، بما مثل ضغطا شديدا على الحكومة للتعامل بصرامة مع الوزيرة وإقالتها والتحقيق في الموضوع وإحالتها للعدالة، وهذه الهبة الشعبية في أجواء الحرية الذي يكفلها توازن القوى في ليبيا، يدل أن التطبيع يكون مستحيلا في الدول العربية والإسلامية حين تكون الحريات والديمقراطية مكفولة للشعوب.
رابعا – لا تمثل العلاقات السرية مع المسؤول العربي بالنسبة للكيان إلا مرحلة قبل الإعلان عنها وتقدير إمكانية تحويلها إلى علاقة رسمية، إذ همه هو التطبيع ولا تطبيع دون ظهور العلاقة، وعملية نشر وزير خارجية الكيان لخبر لقائه في روما مع الوزيرة نجلاء المنقوش هي في حد ذاتها عملية اختراق لجعل التطبيع المجرّم قانونا في هذا البلد ممكنا وقابلا للإنجاز حتى وإن لم تنجح المحاولة الأولى.
خامسا – يحقق الكيان بإعلانه اللقاء مع الوزيرة هدفا مهما وهو ضرب وحدة الصف الليبي في طرابلس الرافض للتطبيع في مواجهة معسكر حفتر المنخرط في عملية التطبيع حسب أخبار متكررة من وكالة الأنبياء الإسرائيلية الرسمية ووسائل إعلام أخرى، وقد تعمد المسؤول الإسرائيلي أن يُكذّب رواية الوزيرة مؤكدا بأن اللقاء كان معدا له مسبقا على أعلى مستوى رسمي ليبي خلافا لتصريحها الذي ادعت فيه أنه كان لقاء عرضيا، مما سيكسر الثقة حتى في رئيس الوزراء الدبيبة نفسه، خصوصا بعد التسريبات التي تفيد أن التوجه التطبيعي صنع في لقاء هذا الأخير مع أمير دولة الإمارات في اللقاء الأخير بإغراءات مالية كبيرة.
سادسا – ستفتح هذه القضية ملفا قانونيا مسنودا بمواد قانونية صارمة إذ يفترض أن تسجن الوزيرة وأن يحكم عليها بثلاث سنوات سجن وفق التشريع الليبي، وهو ما سيمثل فضيحة أخرى لحكومة الطبيبة وستلاحقها المطالبة بالاستقالة، وسيقع تجاذبا سياسيا خطيرا حول هذا الموضوع قد يمثل تهديدا أمنيا آخر يزيد في تعقيد الوضع الليبي الهش.
سابعا – ولمزيد من التأزيم داخل الصف الليبي في طرابلس أشارت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، صباح اليوم، إلى تقارير أفادت بـ”هروب المنقوش على متن طائرة حكومية إلى تركيا بمساعدة جهاز الأمن الداخلي الليبي”، إلا أن الجهاز نفى “أنباء غير مؤكدة بشأن السماح أو تسهيل سفر المنقوش”، مشيراً إلى أنها لم تمر عبر القنوات الرسمية بمنفذ مطار معيتيقة سواء الصالة العادية أو الخاصة أو الرئاسية وفق السياق المتعارف عليه. وإذا تأكد الأمر ستكون هناك مطالبات بطلبها من السلطات التركية التي ستقع في حرج كبير وفي حالة رفضها ستهتز علاقتها بجزء كبير من الشعب الليبي كان متعاطفا معها.
ثامنا – ستمثل هذه القضية إحراجا كبيرا للسلطات الجزائرية التي لا تزال تقاوم موجات التطبيع في كل العالم العربي، الذي أصبح يُكوّن لها خطرا على أمنها القومي، وليس موقفا مبدئيا متعاطفا مع القضية الفلسطينية فقط، وذلك من خلال تمركز الكيان في المغرب على الحدود الغربية الجزائرية وتحالفه مع المخزن تحالفا عسكريا وأمنيا ضد بلادنا. علاوة على محاولات الاختراق في تونس، بل في الجزائر نفسها وفق ما تم اكتشافه مؤخرا بخصوص العمل الاستخباراتي الذي قامت به الإمارات على أرضنا لصالح الكيان.
تاسعا – من مظاهر الخطر في عملية الاختراق مع الشقيقة والجارة ليبيا أنها تمت بوساطة دولة باتت قريبة جدا من الجزائر وتوطدت العلاقات الاقتصادية والتجارية معها كثيرا وهي إيطاليا، إذ صرح مسؤولو الكيان بأن وزير الخارجية الإيطالي هو من رتب وسهل اللقاء بين المسؤول الإسرائيلي والوزيرة الليببة، مما يتطلب من الجزائريين، سلطة وشعبا، الحذر الشديد من أي دولة أوربية، إذ كلها تمثل معسكرا واحدا متحالفا مع الكيان وإن اختلفت المصالح.