بمناسبة الذكرى 61 لعيد الاستقلال: مشروع نجدد له العهد

سنجدد في الذكرى 61 لعيد الاستقلال، في هذا اليوم 05 جويلية 2023، العهد مجددا، في إطار الاحتفالات المطلوبة، وبعيدا عن لغة الخشب الممجوجة، لكي نفعل ما نستطيع من أجل:

– أن تكون الدولة الجزائرية قوية مزدهرة عادلة حصينة، وأن نحميها ممن يريد تدميرها و/ أو إضعافها خارجيا، وممن يريد تفتيتها وتحليلها من بعض من يسيرها من داخلها إما بسبب الفشل أو الفساد وأو العمالة، و/ أو ممن يسعى لتحويلها أو تقسيمها أو تلوينها على غير لونها من اللوبيات المجتمعية صاحبة النفوذ والتأثير المافيوية أو التابعة لثقافات ومصالح أجنبية.

– أن تضمن الحريات في هذا البلد، في الكلمة والتنظيم وتأسيس الجمعيات والأحزاب وأن يكون التنافس الحر والنزيه في الاقتصاد والسياسة والتعليم والرياضة والعمل الاجتماعي وغير ذلك، وأن تتجسد الديمقراطية الحقة، فلا إرادة فوقية خفية أو علنية، إدارية أو عسكرية أو أمنية أو مالية، تصنع الحكام خارج السيادة الشعبية الحقيقية، أو تفرض المسؤولين بالتزوير الانتخابي والتحايل على الإرادة الشعبية، وتسخير قوة الدولة وسلطة الإدارة لصالح هذا الحزب أو ذات، أو لصالح هذه الفئة أو تلك، أو لصالح هذا الشخص أو ذاك.

– أن تكون الدولة شعبية مدنية يصنع مؤسساتها الشعب ويحمي مؤسساتها الشعب، ويستفيد منها الشعب في كل أنحاء الوطن في إطار العدل والمساواة، وأن تكون كل المؤسسات فيها لصالح الشعب كله، فلا تحيز بين جزء من الشعب وجزء آخر، في إطار دولة القانون، لا على أساس عرقي أو جهوي أو فئوي، ولا على أساس الفساد وشبكات المصالح ولا في إطار اللوبيات الأيديولوجية والثقافية. أن تكون الدولة شعبية لا شعبوية يُضحك فيها على المواطنين بالإجراءات المسكنة للأوجاع والمعالِجة للأزمات اللحظية والاحتياجات الضاغطة على حساب مستقبل الشعب والبلد.

– أن تكون الدولة اجتماعية تحقق الرقي الاجتماعي واليسر في الحياة وكرامة العيش على أساس قيمة العمل والتنمية الاقتصادية وتوسيع فرص الشغل، من خلال الشبكات الممتدة للمؤسسات الاقتصادية في الفلاحة والصناعة والخدمات، التي تقوم على أساس التطور التنكتولوجي والإدارة الرشيدة، والتي يزيد عددها باطراد أكثر مما تنقص، تماما كما هي خلايا الجسم السليم، بما يؤدي إلى رفع مستوى دخل الأفراد والثروة الوطنية، وتوفير البضائع وتيسير القدرة الشرائية وتمكين كل مواطن – بدون وسائط ولا رشوة ولا “معريفة” – من أن يقتني سكنه بالإيجار المتوفر والمقدور عليه في كل مكان في الجزائر، وأن يستطيع القادر والراغب في بناء مسكنه الفردي على التوفير والاقتصاد في حياته وبالخدمات البنكية التي تتماشى مع قناعاته ومعتقداته، وأن يحصل على الخدمات الصحية الضرورية لأمنه الصحي بالمجانية الحقيقية المعتمدة على تغطية الضمان الاجتماعي لكل الأدوية والعمليات الاستكشافية والعلاجية، وأن ينعم بمختلف الخدمات في التنقل والاتصال والسياحة وغير ذلك. وأن تتاح الحرية للمجتمع ليَبني شبكاته التضامنية بعيدا عن سياسات التحكم السلطوي ليكون التضامن لصالح المواطن وليس لصالح رياء وغرور الساسة، وليكون مخفِّفا للأعباء على الدولة وليس لزيادة الأعباء عليها، وذلك من خلال التوزيع العادل للثورة الذي تبنيه مؤسسة الزكاة وشبكات الأوقاف ومختلف المؤسسات المدنية التطوعية الخادمة للإنسان ورقيه الاجتماعي. إذ هذا هو الاقتصاد الاجتماعي الذي يتماشى مع مقاصد بيان أول نوفمبر .

– أن نضمن سيادة بلدنا ودولتنا بالعدل القائم فيها والتفاف الشعب المعتز بها حولها، وبصلاح ووطنية وكفاءة المسؤولين في مؤسساتها، وبقوتها العلمية والاقتصادية وأمنها الغذائي والصحي، وبقدرتها على التعبير عن نفسها خارجيا إعلاميا وفنيا ورياضيا وسياحيا، وبالدفاع عن لغتها الوطنية فلا تنافسها لغة أجنبية في التعاملات الإدارية وفي التعليم وفي الإعلام والأسواق إذ لا سيادة لدولة تسيطرة عليها لغة أجنبية ، وبقوة جيشها المبني على العقيدة العسكرية الوطنية لحماية البلد وأمنه ومقدساته دون التّعطل والانشغال بالتدخل في التنافس السياسي، وبصناعة سلاحه، و كفاءة مخابراته وإداراته، وجاهزية وأعلى مستويات تدريب ضباطه وجنوده، وبملاحقة العملاء الذي يريدون إلحاقنا بثقافة المستعمر وخدمة مصالحه الاقتصادية والجيوستراتيجية، وبحسن اختيار وإدارة التحالفات الإقليمية والدولية، لكي تكون إرادة دولتنا مفروضة في أعماقنا الاستراتيجية وفي المحيط الإقليمي والدولي، فلا يسبقنا حول حدودنا حضور أجنبي يهدد مصالحنا ولا يُصنع العالم المستقبلي في غيابنا.

– أن تكون المبادئ الإسلامية هي الإطار الذي نعمل فيه لتحقيق كل أهدافنا النوفمبرية، فلا نسمح في التردد في ذلك، ولا نتحمل مكائد أبناء وذرية الاستعمار في التشكيك في هويتنا ومحاربة قرآننا وسنة نبينا ولغتنا وكل مقدساتنا، ولا يمكن أن يكون ثمة تشريع يصادم ديننا ولا إجراءات وتصرفات تعاكس مبادئ إسلامنا، وأن نخدم تلك المبادئ في الدراسات والاجتهاد العلمي والمجامع العلمية والفقهية وتكوين الإمام وصيانة كرامته وحقوقه ومنحه حريته في تعليم الناس الدين وتوعيتهم بمقاصده، وأن تظهر الهداية الإسلامية في التعليم وفي الأسرة والعلاقات الاجتماعية وفي الاقتصاد وفي القانون وفي العلاقات الدولية.

‐ أن نجدد حلم وحدة شمال افريقيا ضمن إطاره الطبيعي العربي الإسلامي بأن تكون بدايته النجاح في مشروع وحدة المغرب العربي، وتطهير هذا الفضاء من الصهاينة والعملاء بخطة محكمة حكيمة في التعامل مع الأشقاء المغاربة بما يحررهم من قبضة أعدائهم وأعداء الأمة والجزائر، ويضعف التوجهات الصهيونية والعاملة لصالح القوى الاستعمارية في هذا البلد ولا يقويها، وأن تكون المحبة بين الشعبين هي وقود ذلك بدل الأحقاد التي لا تخدم إلا أعداءنا وأعداء الأمة وتضعفنا كلينا، وأن نرتفع عن صراع الأنداد مع الأشقاء بالاستغلال الأمثل لمقدراتنا التي أنعم الله بها علينا، فلا يطمع أحد في منافستنا أو الكيد ضدنا فتكون الوحدة المغاربية تحصيل حاصل في أمد زمني معين. وإذا ما صلح الأمر كذلك في مصر فإن وحدة النيل ستتحقق فنكوّن معا محور شمال افريقيا بحدود 300 مليون ساكن فيكون ذلك هو طريق حل مشاكل المشرق العربي المعقدة المستعصية، وذلك هو طريق نهضة العالم العربي ثم الوحدة الإسلامية مع الدول الناهضة في العالم الإسلامي كله.

ذلك هو الاستئناف الحضاري المنشود نجد أصوله الفكرية في بيان أول نوفمبر.ولذلك تجديد العهد للعمل من أجله بمناسبة الذكرى 61 لعيد الاستقلال هو مشروع حياة، هو مشروع جيل، هو مشروع أجيال.

عبد الرزاق مقري