التدين الصحيح هو أن تسلم النيّات والمقاصد لتكون لله، وأن يعمر القلب بحبه سبحانه وحب رسوله والمؤمنين وبالخوف منه عز وجل والرجاء فيه وحسن الظن به، وأن يتحقق الإيمان بالغيب ويصح الاعتقاد على نهج القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة
، وهو خلو الفؤاد من كل أنواع الشرك الكبير والكفر والنفاق، وكل أنواع الشرك الصغير، كالرياء، والحلف بغير الله واعتقاد النفع والضرر عند غيره عز وجل، و سلامة الصدر من الآثام القلبية كالحقد والحسد والكبر والشحناء والبغضاء، وهو مع ذلك اجتناب معاصي الجوارح كلها، والتوبة الدائمة عند كل تقصير، والالتزام بأركان الإسلام الخمسة جميعها، كلما وجبت وحان وقتها، وجعل الصلاة منها محور الحياة وبوصلة الاهتداء، ثم المسارعة لمختلف الطاعات والعبادات على طريق الوِلاية والرضوان بقدر الاستطاعة والإمكان، مع بذل الحقوق للغير والعدل في الناس، قريبهم وبعيدهم، ومع الحيوانات وسائر الدواب و كل مكونات المحيط، وحسن الخُلق، وعدم الظلم والعدوان، واجتناب المحرمات في المعاملات كالربا والرشا والنهب والغصب والغش والتزوير والتدليس والسرقة والضرر والفساد أو الإعانة على ذلك، مع تعلم المعلوم من الدين بالضرورة أو سؤال أهل العلم في ما يجب من أمر الدين، وإتقان العمل وحفظ الأمانة، والصدق في القول والعمل، والاستزادة في العلم بقدر المستطاع، والسعي لفهم الحياة والقوانين والسنن الاجتماعية والتدبر والتذكر في الآلاء، والدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفق المقاصد والضوابط الشرعية المعتبرة، المعلومة عند العلماء الصالحين المصلحين، والاهتمام بالشأن العام وإصلاح الأوطان والمساهمة في نموها وتطورها وازدهارها وفق الاستطاعة والمقدور عليه، ومقاومة الظلم وانتهاك الحقوق وموالاة الله ورسوله والمؤمنين دون غيرهم، وحب الخير للبشرية جمعاء، والحب في الله والبغض فيه، والسعي لإسعاد المسلمين وتوحيدهم ونهضتهم وارتقائهم الحضاري، وتخليصهم من الاحتلال والعدوان، والمساهمة في نصرة فلسطين إلى أن يتحقق النصر والتحرير.
د. عبد الرزاق مقري